بوليميا أو مرض النهام العصبي أو الشراهة في الأكل. هل رأيت يوماً أحد ما يأكل بإستمرار وبشهية غير طبيعية للطعام؟ هل رأيته في اليوم التالي وقد أخضع نفسه لفاصل من الصيام الإجباري دون داعي؟ هل يتناول أدوية الملينات والمسهلات؟ هل بجانب شراهته النهمة للطعام لا يزداد وزنه؟ حسناً ربما قابلت لتوك أحد المصابين بمرض بوليميا، ومرض بوليميا لمن لا يعرفه هو أحد أمراض إضطرابات الطعام ويسمى الشره المرضي أو الشره المرضي العصبي. مرض بوليميا أو الشره العصبي للطعام يتمثل في أن المريض يتناول الطعام بشراهة كبيرة ثم يصل إلى مرحلة من الشعور بالذنب يدفعه دفعاً إلى محاولة التخلص من الطعام الذي تناوله عن طريق التقيؤ، أو عن طريق تناول الأدوية المسهلة أو ممارسة الرياضة.
اسباب مرض بوليميا
تعتبر الأمراض المتعلقة بإضطراب الأكل عامة ومرض بوليميا خاصة أمراضا معقدة وتتم عن طريق مشاكل معقدة، لم يصل الأطباء ولا الخبراء إلى المسببات الحقيقية لها ولكنهم يرجعونها إلى عدة عوامل منها العوامل العائلية أو الإجتماعية والمزايا الشخصية التي يحوزها الشخص من جراء جمال شكله وتناسق جسمه لذلك فإن المرشحين للإصابة بمرض البوليميا أحد الأتي ذكرهم:
- إذا كان أحد الأشخاص في عائلته مصاب بمرض السمنة الزائدة أو بأحد إضطرابات الطعام المختلفة أو بإضطرابات نفسية مثل الإكتئاب أو القلق.
- إذا كان الشخص يعمل بأحد المهن أو الأعمال التي تتطلب المحافظة على بنية جسدية معينة مثل راقصات الباليه أو عارضات الأزياء أو لاعبي ألعاب الجمباز وهكذا.
- إذا ما كان الشخص من النوع الذي من طبيعته لا يشعر مطلقاً بالرضى عن نفسه أو يسعى إلى حالة من الكمال في كل شيء ومنها شكل جسده وتناسقه.
- إذا كان الشخص يواجه ضغوط قوية وتوتر شديد بحياته.
- يظهر مرض البوليميا بشكل أكثر شيوعاً لدي المراهقين وبخاصة في سنوات المراهقة الأولى، كما يظهر لدى النساء بصفة أكثر شيوعاً لدرجة أن 10 أفراد من كل 11 مصاب بمرض الشره العصبي للطعام هن من النساء.
انواع مرض بوليميا
لمرض بوليميا نوعان ثانويان هما النوع التفريغي (المطهر) والنوع غير التفريغي (غير المطهر) ويمكن تمييز النوعين كالأتي
النوع التفريغي
ويعتبر هو النوع الأكثر إنتشاراً بين النوعين ويتضمن نوع النهام العصبي التفريغي على سلوكيات تعويضية مثل التقيؤ الذاتي، تناول الأدوية والعقاقير المسهلة، تناول الأدوية المدرة للبول أو الحقن الشرجية وكل ذلك من أجل إزالة الطعام وبقاياه من الجسم قبل هضمه.
النوع الغير التفريغي
وهذا النوع يحدث مع قرابة 6% من المصابين بمرض النهام العصبي فقط ويتضمن هذا النوع على سلوكيات تعويضية مثل:
- ممارسة الرياضة بإفراط.
- الصوم بعد الأكل لساعات طويلة وقد تستمر لأيام.
- متابعة الصيام والأكل النهم لمحاولة معادلة السعرات الحرارية التي يكتسبها أجسامهم نتيجة للشره في الطعام.
- المبالغة في حساب كميات السعرات الحرارية في الطعام.
اعراض مرض بوليميا
بداية يلزم أن نعرف ما هو الأكل المفرط؟ حيث أن الأكل المفرط يمكن تقسيمه إلى نوعين:
- النوع الأول يتمثل في تناول كميات كبيرة من الطعام في فترة قصيرة من الوقت.
- أما النوع الثاني فيكون فيه احساس بفقدان السيطرة أثناء تناول الطعام مثل عدم السيطرة على النفس والأحساس بالعجز عن منع النفس من تناول الطعام.
إذن فاعراض مرض الشره العصبي للطعام او بوليميا تظهر المصابين به من خلال تناول المصاب بالمرض كميات كبيرة من الطعام، أكثر من الكميات الطبيعية للإنسان مع فقدان السيطرة على التوقف عن تناول الطعام، كما يميل الشخص المصاب بالمرض إلى تناول الطعام بسرية وبعيداً عن أعين الناس، الأمر الأخر أنه على الرغم من تناوله لكميات كبيرة جداً من الطعام إلا أنه لا يتم ملاحظة أي تغير واضح في الوزن وذلك لميله لتناول المسهلات أو التقيؤ بعد تناوله للطعام أو ممارسته الرياضة بشدة لشعوره بالذنب بسبب ممارسته في تناول الطعام، ويتناوب المريض بمرض بوليميا تناول الطعام والصيام بإفراط. لذلك يصاحب مرض الشره العصبي سلوكيات محددة ينتهجها المريض لأنه بالأساس مرض سيكولوجي (نفسي) وليس مرض فسيولوجي (جسدي) فيصاحبه سلوك يسمى بالسلوك التعويضي وهو السلوك الذي تتبعه النفس لمحاولة السيطرة على الوزن بعد نوبات الأكل المفرط وهذا السلوك يشمل: التقيؤ أو الصوم (أمتناع تام عن الطعام) أو إستعمال مدرات البول والأدوية الملينة للمعدة أو أستخدام الأدوية والعقاقير التي تعمل على السيطرة على مراكز الشبع في الجسم بصورة خاطئة. وغالباً ما يستطيع مرضى البوليميا إبقاء عاداتهم في الأكل وتمارينهم في طي الكتمان، لذا قد يتأخر تشخيص مرض بوليميا فترة زمنية طويلة. وبسبب ذلك فعلى المحيطين بمريض البوليميا واجب كبير لأكتشاف ذلك المرض من خلال ملاحظاتهم للإشارات المنذرة بإصابة الشخص بمرض الشره العصبي للطعام وهذه الإشارات هي:
اعراض جسدية (تظهر على الجسم)
- تقلبات متواترة في الوزن (بالزيادة والنقصان)
- الأحساس بالإنتفاخ أو الإمساك أو عدم القدرة على تحمل الطعام
- غياب الدورة الشهرية عند الفتيات
- الإغماء أو الدوار المتكرر
- تورم حول الوجنتين أو الفك
- وجود علامات للتليف حول الفم بسبب كثرة القيء
- الإحساس المستمر بالإرهاق والتعب وعدم النوم جيداً
اعراض نفسية
- الإحساس الدائم بالإنزعاج من أي تعليق من المحيطين به عن الطعام أو الوزن أو التمارين أو شكل الجسم.
- الإنهماك بالطعام وشكل الجسم ووزنه إنهماك يصل إلى حد الهوس.
- عدم تقدير الذات.
- الإحساس الدائم بالخجل أو الذنب بخصوص شكل جسمه وخصوصاً بعد تناول الطعام.
- إمتلاك صورة مشوهة عن جسمه (إعتبار نفسه بديناً في حين أن وزنه يكون طبيعياً)
- عدم الرضى عن شكل الجسم حتى وإن أمتلك جسماً رياضياً.
- الإكتئاب والقلق والعصبية.
- الهوس بالطعام والحاجة إلى سيطرته على ذلك.
اعراض سلوكية
- ستجد أدلة على أختفاء الأكل المفرط مثل أختفاء الطعام بإستمرار أو أن تجد عنده أقتناء لكميات كبيرة من الطعام .
- كثرة التقيؤ أو أستعماله للمينات أو مدرات البول أو سد الشهية.
- سلوك عدواني تجاه المجتمع وحب العزلة
- تناول الطعام منفرداً
- سلوك هوسي فيما يتعلق بشكل الجسم والوزن مثل كثرة قياس الوزن، قياس محيط الخصر بإستمرار، إدمان النظر إلى المرأة، وهكذا…
- ممارسة التمارين بإفراط (حتى أثنء المرض أو الإصابات أو في الأجواء غير المناسبة كالبرد والمطر الشديد)
- التركيز على الحمية الغذائية (متابعة السعرات الحرارية بشكل هوسي، محاولة تفادي الأطعمة المشبعة بالدهون والكربوهيدرات ، إستخدام الأدوية والعقاقير التي تعمل على تذويب الدهون في الجسم)
- التوجه بإستمرار إلى الحمام أو مباشرة بعد تناول الطعام
- الإفراط في إستخدام الأدوية والميل إلى إيذاء الذات أو حتى محاولة الإنتحار
- يمكن لأعراض مرض البوليميا الجسدية والنفسية والسلوكية أن تظهر كلها أو بعضها، ولكن من الضروري ملاحظة ذلك لأن إكتشاف المرض مبكراً يساعد على العلاج السريع بدلاً من تجذر المرض داخل النفس فيصعب إقتلاعه.
علاج مرض بوليميا
بداية يجب أن نعلم بأن الشخص المريض بداء البوليميا أو الشراهة المرضية هو شخص لم يختار بنفسه هذا، بل هو مرض نفسي يحتاج إلى العلاج، وليس شخص يحب الأكل بشراهة ويحب التمارين الرياضية بكثافة، لذلك فإن وعينا بتشخيص المرض مبكراً ووعينا بخطورته وضرورة علاجه تجعلنا نساعد المريض على تجاوز المرض وإستعادة حياته بصورة طبيعية بعد ذلك. ويجب أن نعلم أن علاج مرض البوليميا يتكون بالأساس من عدة عناصر متكاملة، وله علاج متوفر من العقاقير الطبية والتي تشمل بالأساس مضادات الإكتئاب والتوتر، غير أننا في هذه الحالة نعالج عرض من أعراض المرض وليس المرض بذاته، لذلك فأن العلاج النفسي هو العلاج الأكثر فاعلية وأهمية من تناول العقاقير والأدوية لأن المرض بالأساس هو مرض نفسي وليس مرض عضوي ويمكن تلخيص علاج مرض البوليميا في العناصر الثلاثة الأتية:
العنصر المعرفي
ويساعد العنصر المعرفي من العلاج النفسي المريض على تحديد أفكاره وكيف يستطيع التأثير على سلوكياته الفردية والشخصية الخاطئة التي تكون عاملاً مهماً في وجود المرض وذلك بعد تحليل شخصية المريض من قبل الطبيب المختص.
العنصر التعليمي
وفي هذا العنصر يعمل الطبيب على تشكيل التوقعات الإيجابية للعلاج وتعزيز سبل التعاون مع المريض لتكون جلسات العلاج ذات فائدة كبيرة.
العنصر السلوكي
في هذا العنصر يستخدم الطبيب المعالج تقنيات تعديل السلوك على المريض للعمل على تعديل سلوكه المسبب للمرض وتعليم المريض إستراتجيات للتعامل مع المشكلة.
مضاعفات ومخاطر مرض بوليميا
يرتبط بمرض الشره العصبي للطعام بوليميا عدة أمراض تأتي بسبب السلوك المرضي للمصابين بالبوليميا مثل:
- قرحة مزمنة بالحنجرة.
- عسر الهضم ووجود حرقة بالمعدة وزيادة الحامض المعوي وأرتداده لأعلى مما يصيب المريض بإحساس بالحموضة.
- إضطراب في حركة الأمعاء بسبب إساءة إستعمال الملينات.
- قرحة في المعدة والأمعاء.
- إلتهاب المريء والمعدة.
- هشاشة العظام وبالتالي كثرة الكسور في الجسم وذلك لفقدان الجسم لعنصر الكالسيوم بإستمرار.
- إرتفاع نسبة العقم عند المصاب بمرض البوليميا.
- وجود خلل بالدورة الشهرية عند النساء.
- عدم إنتظام ضربات القلب مما قد يؤدي إلى أحتمال وجود قصور بالقلب.
- تسوس الأسنان.
مرض البوليميا أثناء فتره الحمل
معدلات العقم عند النساء اللواتى تعانين من إضطرابات الأكل او مرض بوليميا إذا تم مقارنتهم بغيرهن من النساء، حيث أن كثره الأكل تقلل فرص الحمل والولاده، وحتي إن تم الحمل فالشره المرضي يشكل مشاكل كبيره للجنين أثناء فترة الحمل مما قد يؤدي الي فقدانه أو حدوث مشاكل خطيره، كما أن الأثر النفسي لمرض الشره النفسي الذي يسببه مرض بوليميا أثناء فترة الحمل لا يمكن إغفاله، فإضطرابات الأكل تزيد التعرض للإكتئاب والقلق وكذلك تعاطي المخدرات، ويستمر بعد ذلك نوبات الإحساس بعدم الثقه بالنفس وعدم القدره على الإنتاج مما يجعل الإكتئاب مرضا أكثر قوه وقد يؤدي للإنتحار.